شهر محرم وبداية التاريخ الإسلامي

شهر محرم وبداية التاريخ الإسلامي

لقد كان بداية التأريخ الإسلامي فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، حيث جمع الناس واستشارهم من أين يبدأ التاريخ فقال بعضهم يبدأ من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقال آخرون يبدأ من بعثته صلى الله عليه وسلم وقال البعض يبدأ من هجرته إلى يثرب.... سبحان الله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وكان الله على كل شيء قديراً وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله أرسله إلى الخلق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

إن لله سبحانه وتعالى من الحكمة البالغة في تعاقب الشهور والأعوام وتوالي الليالي والأيام فإن الله جعل الليل والنهار آيتين من آياته وذلك من رحمته بعباده بأن جعل لهم ليلاً ونهاراً وجعل لكل منهما آيه،
ف- آية النهار و هي الشمس وآية الليل وهي القمر، جعل الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً ليبتغوا فيه فضلاً من الله ويطلبوا فيه معايشهم، وجعل كل نهار يتجدد بمنزلة الحياة الجديدة يستجد فيه العبد قوته ويستقبل عمله ولذلك سمى الله النوم بالليل وفاة ،واليقظة بالنهار بعثاً فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام:60].  

ومن رحمته بعباده أن جعل الشمس والقمر حسبانا ففي الشمس معرفة وحساب الفصول الأربعة وفي القمر حسبان الشهور ،وجعل الله السنة اثني عشر شهراً قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36].

 
والأربعة الحرم ثلاثة منها متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والرابع منها مفرد وهو رجب بين جمادى وشعبان ،وإن من تيسير الله تعالى أن جعل الحساب الشرعي العربي مبنيا على الشهور الهلالية لأن لها علامة حسية يفهمها الخاص والعام وهي رؤية الهلال في المغرب بعد غروب الشمس فمتى رئي الهلال فقد دخل الشهر الجديد وانتهى الشهر الماضي وبذلك عرفنا أن ابتداء التوقيت اليومي من غروب الشمس لا من زوالها لأن أول الشهر يدخل بغروب الشمس وأول الشهر هو أول الوقت.

ولقد كان بداية التاريخ الإسلامي منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وكما ذكرنا فى بداية المقال انه عندما استشار الصحابة من اين يبدأ التاريخ الأسلامى فقال بعضهم يبدأ من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم يبدأ من بعثته وقال بعضهم يبدأ من هجرته وقال بعضهم يبدأ من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،
ولكنه رضي الله عنه فضل أن يبدأ من الهجرة ،لأنها فرق الله بها بين الحق والباطل، فجعلوا بداية تاريخ السنين في الإسلام هو عام الهجرة لأنه هو العام الذى اصبح فيه للمسلمين كيان مستقل وفيها أُقيمت أول بلد إسلامي يكون الحكم فيه للمسلمون، ثم تشاور أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه مع الصحابة تشاوروا من أي شهر يبدؤون السنة ف-إقترح بعضهم من ربيع الأول، لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً، وقال بعضهم من شهر رمضان ، لأنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، واتفق رأي عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين على ترجيح البدأ بالمحرم ،لأنه من الأشهر الحُرم وهو ويلي ذي الحجة الذي فيه أداء الناس حجهم الذي به تمام أركان الإسلام، لأن الحج آخر ما فُرض من الأركان الخمسة، ثم إنه يلي الشهر الذي بايع فيه النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار على الهجرة وتلك المبايعة كانت من مقدمات الهجرة، فكان أولى الشهور بالأولية هو شهر المحرم.

فالتاريخ اليومي يبدأ من غروب الشمس والشهري يبدأ من الهلال والسنوي يبدأ من الهجرة هذا ما جرى عليه المسلمون وعملوا به
 
قال الله تعالى:
{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:37-40].

google-playkhamsatmostaqltradent